البعض يشير إلى أن حقوق
الإنسان أصبحت موضة في الخليج ، هي ليست موضة ولا إكتشاف حديث طارئ على مجتمعاتنا
إنما هي ثقافة دخلت وتسربت إلينا بعد أن بدأنا نفرق ونعرف معنى الظلم وبين تطبيق
القانون ، أي بين إستغلال القانون وتطبيقه بشكل سليم وبين التعسف في إستغلال ذلك
القانون لتصفية الخصوم .
رغم إستمرار إنكار وجود
الظلم في الخليج إلا أن هذه النظرية التي يريدون للشعوب أن يؤمنون بها وأعني نظرية
المؤامرة أصبحت بالية لايمكن تصديقها فما من شعب يخون وطنه ، وما من شعب يتآمر ضده
، هناك مطالب إصلاحية قوبلت بالإعتقال دون الإستناد إلى أدلة واقعية فتحولت تلك
المطالب إلى خلايا تجسسية مرتبطة ببعضها البعض فقط لأنك تحمل رقم أحد المتهمين بها
في هاتفك المحمول !
كل تلك الأشياء التي يصعب
الإمساك بها ووضعها في ملف واضح تحتاج إلى عمل منهجي متواصل عميق ودؤوب لرفع الظلم
عن أولئك الذين يسعون في السباحة مع الأسماك الكبيرة في الخليج ، وعوضا عن تأسيس
شبكات للدفاع عن الحريات وتدريب المدافعين عن حقوق الإنسان منذ أعوام مضت ، إستغل
عدد لا بأس به تلك المؤسسات التي تقوم بتوفير تذاكر سفر ومحل إقامة وتوفير
فصول دورية مجانية لنشر ثقافة حقوق الإنسان في الدول العربية منها والأجنبية ، لو
إننا بدأنا منذ ذلك الوقت وحتى يومنا هذا بإخلاص ورغبة حقيقية وإرادة قوية لكنا
نملك أفضل وأقوى وأكثر المراكز الحقوقية إنتاجا للمدافعين عن حقوق الإنسان .
ولكنا قد ربطنا تلك
الجمعيات والمنظمات في الخليج ببعضها البعض ولإنتشرت المعلومة بكل سهولة ويسر
بيننا بل ولتمكنا حتى من معرفة عدد المعتقلين في الخليج والإنتهاكات التي تحدث في
السجون على سبيل المثال ، ذلك الربط الذي فككته الإختلافات الدينية والمذهبية
والعرقية للأسف وأتحدث عن مدافعين عن حقوق الإنسان منغمسين بتلك الإختلافات بل ويتجاهلون
إعتقال وتعذيب وقتل من يختلف عنهم رأيا ، ومذهبا ودينا .. !
حتى اليوم نفتقر إلى مثل
هذه الثقافة ونغطي وجهها الجميل ونظهر وجهنا القبيح ، فحقوق الإنسان ليست سياحة
مجانية فإذا أردت أن تأخذ مقعدا لحضور دورة خارجية حاول أن توقظ ضميرك النائم
وتسأله إلى أين أنا ذاهب وماذا أريد ؟ لم أنا بين هؤلاء الناس وما الذي سنفعله
للآخرين ؟
إن لم تكن قد خرجت من
وطنك لتتعلم شيئا جديدا مفيدا يمكنه أن يساعد الآخرين وينقذ حياتهم ويخلصهم من
السجن فالأجدر بك أن تبقى في مكانك وتقرأ الكتب دون أن تطبق ما تقرأه وتطلق على
نفسك ناشطا حقوقيا أو مدافعا " بيتوتيا " ، فالخروج للدورات
الحقوقية ليست سياحة حقوق إنسان إنما هي وظيفة أخرى وواجب إنساني آخر تثقل به
كاهلك ، فالتعليم عملية تبادلية فيها سهم خارج وسهم داخل ، تلك العملية لا تتوقف
وتسمى بالعطاء أما إن بقيت تبتلع تلك المعلومات وتحرم منها من هم أقل حظا منك ولم
يستطيعوا بوساطة الآخرين ومعرفتهم بهم بأن يجلسوا مكانك اليوم ليتعلموا
فأنت
بلا فائدة وعد لتجلس في منزلك !
No comments:
Post a Comment
Note: Only a member of this blog may post a comment.