Saturday, January 14, 2017

الأخوات الثلاث في حقوق الإنسان

والآن أصبح لديك مخزون أولي من المعلومات التي تخولك بناء قاعدة عامة في معرفة حقوق الإنسان. ولضمان قدرتك على تتبع الخيط المتعلق بهذه السلسلة الحقوقية يمكنك أن تراجع مقالاتي السابقة قبل قراءة هذا المقال اليوم. ولا بأس من الاستعانة بالورقة والقلم لتدوين ملاحظاتك. فهذه السلسلة تُكتب لتتهيأ حتى تصبح مدافعاً، إن رغبت، عن هذه الحقوق يوماً ما.
اليوم سنفتح أفقا جديدا وباباً هاما ونحن في طريقنا لمعرفة حقوق الإنسان. اليوم سنتحدث عن قاعدة أخرى وأساس هام. وحتى أسهل الأمر عليك، تخيّل أن هناك ثلاث أخوات وهن:
- خصائص حقوق الإنسان
- المبادئ الأساسية حقوق الإنسان
- الحريات الأربع الأساسية
وعليك أن تعلم أنه لا يمكن فصلهن عن بعضهن البعض، ولا عن أي فرد آخر سواء كنت تتفق أو تختلف معه: ينتمي لتيارك، حزبك، مذهبك، دينك، عرقك، جنسك، بلدك، لغتك، اقليمك وحتى قارتك، أو لا ينتمي !
الأخوات الثلاث (وهذا عنوان أستخدمه أثناء التدريب ليسهل على المتدربين حفظ العناوين الرئيسية)، يكملن بعضهن البعض وهن ملاصقات لك ولغيرك. هنّ حق لك وعليك.
الأخت الأولى هي خصائص حقوق الإنسان. فهي: طبيعية، أي تنشأ مع ولادة الإنسان وتستمر حتى وفاته. كما أنها ليست منحة من سلطة فردية أو من حكومة أو دولة. عالمية بها تتجاوز الحدود الوطنية والإقليمية. تكاملية إذ لا يمكن ممارسة حق بمعزل عن الحقوق الأخرى أو إعطاء أفضلية لأي حق على حساب حق آخر. وتشمل كافة الحقوق الإنسانية؛ فلا يمكن إعطاء حقوق وإهمال أخرى. وأخيرا، غير قابلة للتصرف، أي لا يجوز سلبها أو تجريد أي شخص من حقوقه إلا إذا تحدد بموجب القانون.
الأخت الثانية هي المبادئ الأساسية حقوق الإنسان:
أولا. المساواة وعدم التمييز: بدءاً من الأفراد أنفسهم الذين يحملون ذات الصفات إلى المختلفين جنساً وهوية: يجب أن يكونوا متساوين في الحقوق والواجبات.
ثانيا. العدالة وسيادة القانون: أن يتم تطبيق القانون بشكل عادل على جميع الأفراد سواء كانوا مواطنين أو غير مواطنين، موالين أو غير موالين للنظام الحاكم. وأن يحترم هذا القانون عند تطبيقه لا أن يعطل لأي سبب من الأسباب. وأن تتوافر كافة سبل الانتصاف لكافة الأطراف.
ثالثاً. المشاركة والتضامن: أن نتشارك جميعنا ونتضامن مع الإنسان أينما كان في أي مكان في العالم. نفرح لفرحه ونحزن لحزنه. نتكاتف لانتشاله من محنه سواء كانت سياسية، اجتماعية، الاقتصادية وحتى الطبيعية.
بقيت الأخت الأخيرة، وهي الحريات الأربع الأساسية. لكن قبل أن أذكر هذه الحريات علي أن أذكر قصتها ومن أين أتت؟
في السادس من يناير عام 1941 قام الرئيس الأميركي فرانكلين روزفلت بتوجيه خطاب إلى الكونغرس يتضمن حريات قال إنها الهدف الاجتماعي والسياسي لشعب الولايات المتحدة الأميركية. لأنه وفي نفس العام شهد العالم أحداثاً كثيرة، حيث قامت ألمانيا باجتياح النرويج والدنمارك وفرنسا وبلجيكا وهولندا. وكانت تتقدم نحو بريطانيا. فاقترح روزفلت إرسال مساعدات إلى بريطانيا. لكن الأميركيين أرادوا أن لا تشارك بلادهم في أي نزاع دولي. فوجد نفسه مضطراً لتوضيح التهديد الذي قد يواجههم ويواجه أي ديموقراطية في العالم إذا لم يكن لهم موقف واضح مما يحدث من حروب ودمار للبلدان الأخرى، معلناً عن رؤية يعم من خلالها السلام في هذا العالم. فالناس يجب أن يتساووا في الحقوق.
وقال الرئيس روزفلت "إننا نتطلع إلى عالم يقوم على أربع حريات إنسانية أساسية، الأولى هي: حرية الرأي والتعبير في كل مكان من العالم. والثانية هي: حرية كل إنسان بالعبادة على طريقته الخاصة في كل مكان من العالم. والثالثة هي: التحرر من الفقر في كل مكان من العالم. والرابعة هي: التحرر من الخوف في كل مكان من العالم ".
هل لاحظت أن بعد كل حرية ذكرها ذيلت بعبارة "في كل مكان في العالم"؟
هذه إحدى خصائص حقوق الإنسان "العالمية ". سمي هذا الخطاب بـ "خطاب الحريات الأربع". وعندما انتهت الحرب العالمية الثانية، أُعلن الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في 10 ديسمبر 1948، وكذلك العديد من الوثائق الدولية والتي تضمنت تلك الحريات.
أعرف ما الذي تفكر به الآن: لم كل هذه القيم والمبادئ التي قد تقف لتصفق مهللا لوجودها في هذا العالم، وها هم يعرفونها جيدا منذ الحرب العالمية الثانية غير مفعلة وكأنها غير حقيقية؟
هي موجودة. وقد صادقت جميع الدول على واحدة على أقل تقدير من هذه المعاهدات المعنية بحقوق الإنسان. وصادق 80 في المئة من هذه الدول على أربع معاهدات أو أكثر. لكن في ظل غياب أو تغييب دور المجتمع المدني وقلة المدافعين عن حقوق الإنسان، وكذلك عدم توفر محامٍ مهيأ ومتخصص للتصدي لقضايا حقوق الإنسان في بعض البلدان العربية، نجد هذا الصوت خافتا يكاد لا يُسمع.
لذلك، ما زلت مُصرة على مد يدي لك لتكون معنا. فهل ستقبل؟

ارفع صوتك 

http://www.irfaasawtak.com/a/the-three-pillars-of-human-rights/334900.html

كيف نشأت حقوق الإنسان؟

أنت الآن تقف عند خطوتك الثانية نحو حقوق الإنسان حيث وعدتك في مقالي السابق أن أسعى  جاهدة لوضعك على الطريق الصحيح. ستتعرف من خلالها على المدخل الرئيسي. وحاول وأنت تقرأ هذا المقال أن تتجرد من كل شيء وتوسع نطاق الكلمات المطروحة.
وحين أقول كل شيء، أقصد أن تتخلص من كل الحواجز الإيديولوجية والحدود الجغرافية، بحيث يمكنك طرح الأسئلة والبحث عن الأجوبة لكن من دون أن تضع العراقيل والحواجز لنفسك بنفسك. أن تساوي نفسك بالدرزي والهندوسي والبوذي والمسيحي واليهودي والملحد والمسلم، بالأبيض والأسود والأسمر. أن تجمع الأجناس والأعراق والأديان وتضمها في كتلة واحدة كبيرة حتى تمتزج.
حسناً، سنثب قليلا ً إلى الماضي. لذا اربط حزامك لنسافر عبر التاريخ، حيث نشأة "حقوق الإنسان"، وقد استعرضت هذا التعريف مسبقا ً، بأنها "الحقوق التي تنالها لمجرد أنك إنسان". لكن كيف وأين بدأت؟
سنة 539 ما قبل الميلاد قام كوروش (قورش) العظيم، أو كما يسمى أيضاً Cyrus the great، باحتلال بابل. لكنه قام بتحرير العبيد وترك لهم الحق في اختيار دينهم مهما كان هذا الدين. وتم توثيق ذلك على اسطوانة أو منشور كوروش (Cyrus Cylinder)، وهي تعتبر "أقدم شريعة لحقوق الإنسان والتسامح بين الأديان". وتلتها "الديموقراطية" في أثينا، 479 سنة ما قبل الميلاد والتي تعني "حكم الشعب لنفسه".
مراسيم أشوكاEdicts Of Ashoka التي تتضمن 14 مرسوما أخلاقياً، أشوكا تحول من محارب تابع للديانة البرهمية إلى مؤمن بالتعاليم البوذية وعلى رأسها "نبذ العنف"، وعدم قتل الحيوانات أو تقديمها كأضاح. فبنى المستشفيات التي تقدم العلاج " للإنسان والحيوان" عام 272قبل الميلاد.
في الإمبراطورية الرومانية، لاحظوا أن "الناس يتبعون قوانين محددة حتى لو لم يكن هناك من يرشدهم إليها". فظهر مصطلح "القوانين الطبيعية". لكن هذه القوانين متعثرة بسبب سطوة أصحاب القوى والسلطة. ومع ظهور المسيح مبشراً بـ (التطويـبات الثمانية)، أصبح للناس "دستورٌ أخلاقيٌ" ومعيارٌ سلوكيٌ للمؤمنين بالدين المسيحي.
كُتبت صحيفة المدينة Constitution Of Medina لعام 622 ما بعد الميلاد، بعد أن هاجر النبي محمد من المدينة. وتعتبر هذه الصحيفة "أول دستور مدني" في تاريخ الإسلام. تضمنت الصحيفة 52 بنداً لتنظيم العلاقة بين جميع طوائف وأديان وجماعات المدينة. وكفلت حقوق الإنسان، كحق "حرية الاعتقاد وممارسة الشعائر". كما أقرت المساواة والعدل بين الناس. وهذه الصحيفة تحديداً تجيب على السؤال الذي كان يزعجك دائماً حول ما إذا كانت حقوق الإنسان غربية وطارئة علينا، أم أن لها جذور من إرثنا الديني والاجتماعي أيضاً.
في عام 1215 ميلادي صدرت وثيقة إنكليزية باسم (الوثيقة الكبرى) أو Magna Carta، والتي اعتبرت أنها "الميثاق العظيم للحريات في إنكلترا" والتي تحد في المقابل من حرية الملك وسلطته. وتلتها عريضة الحقوق لعام 1628 التي تعتبر من الدعائم التي تقوم عليها "الحريات المدنية" هناك.
عام 1689 أصدر البرلمان البريطاني قانون الحقوق الذي ساهم بالتعريف "بحقوق الناس وأصبحوا محميين من أصحاب السلطة". ومع ظهور التنوير، برز الوعي على الصعيد الاجتماعي والسياسي والثقافي والفلسفي حيث بدأت من إنكلترا وانتقلت إلى فرنسا ومنها إلى أوروبا.
كما ألغيت "العبودية" في البرتغال وأصبحت محرمة عام 1761. وبذلك تعتبر أولى الدول التي أقرت إلغاءها، لتلحق بها اسكتلندا وبقية الدول. لكن هذا لا يعني أن العالم كان رائعاً ويعيش بسلام وخير، فكما هي بداية الأمور لم يكن ما يعرف بحقوق الإنسان. فإن كنت مع المجموعة القوية المناسبة، فأنت بأمان. وإن لم تكن معها، ستكون معرضاً لخطر التصفية والإبادة.
في نهاية القرن 18 قامت عدة ثورات في بلدان مختلفة. ففي أميركا أعلن الاستقلال عن بريطانيا العظمى عام 1776 حيث صدرت وثيقة من الكونغرس تعلن استقلال المستعمرات الـ13. ثم تبعتها الثورة الفرنسية عام 1789، ليصدر الدستور الفرنسي لعام 1791، فتحول المصطلح الروماني من "قوانين طبيعية" إلى "حقوق طبيعية" لأن الحقوق لم يخلقها الإنسان بل ولدت معه.
التاريخ لم يقف عند هذه المرحلة. ورغم الاعتقاد بأننا حصلنا على الخلاصة من الماضي الأليم للشعوب، إلا أن الحاضر الذي نعيشه لا يدل على تعلمنا الكثير من دروس الماضي، بل هو سيناريو يعاد ويتكرر لطالما كان هناك سلاح وصنّاع حروب. وأكبر دليل على ذلك اندلاع الحربين العالميتين، اللتين دفعتا العالم للاجتماع لتشكيل عصبة الأمم المتحدة للحفاظ على السلام العالمي بعد مؤتمر باريس للسلام عام 1919 بعد الحرب العالمية الأولى. ليتبعها إنشاء الأمم المتحدة عام 1945 بعد مقتل 90 مليون إنسان ما بين عسكريين ومدنيين.
ولد الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في 10 كانون الأول/ديسمبر سنة 1948. وهو الوثيقة العالمية التي تبنتها الأمم المتحدة في قصر شايو في باريس وتحتوي على 30 مادة تحمي وتكفل حقوق الإنسان دون تمييز، ليعلن تحول مصطلح "الحقوق الطبيعية" إلى "حقوق الإنسان". لكن حقوق الإنسان ليس لديها قوة القانون وهي اختيارية وليست إجبارية لذلك اليوم. وبعد كل هذه الاتفاقيات المعنية بالسلام العالمي وحماية العسكريين والمدنيين، وأبرزها "اتفاقيات جنيف الأربعة" لعام 1949، مازالت هناك انتهاكات وجرائم ضد الإنسانية إلى ساعة كتابة هذه المقال.

ارفع صوتك

http://www.irfaasawtak.com/a/%D9%83%D9%8A%D9%81-%D9%86%D8%B4%D8%A3%D8%AA-%D8%AD%D9%82%D9%88%D9%82-%D8%A7%D9%84%D8%A5%D9%86%D8%B3%D8%A7%D9%86%D8%9F/333267.html